جريدة تارودانت بريس __تقرير يكشف تراجع المغرب في الحكامة الإلكترونية
كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير جديد، عن ضعف الخدمات العمومية على الإنترنيت الموجهة إلى المتعاملين مع الإدارة المغربية، مسجلا تأخر عدد من القطاعات الحكومية في إخراج مشاريع متعلقة بالحكامة الإلكترونية.
واعتمد المجلس الأعلى للحسابات، في تقييم الخدمات العمومية على الإنترنيتـ على الدراسة المقارنة لبرنامج الحكومة الإلكترونية التي تنجزها المفوضية الأوروبية سنويا.وسجل التقرير تراجع المغرب في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية في السنوات الأخيرة، إذ شهد تصنيف المملكة تقهقرا ملحوظا سنة 2018، واحتل المرتبة الـ78 في مؤشر الخدمات عبر الإنترنيت والمرتبة الـ110 في مؤشر الحكومة الإلكترونية، بعدما حقق سنة 2014 أفضل رتبة له في تصنيف الأمم المتحدة المتعلق بالخدمات الرقمية.
وبخصوص عاملي الرأسمال البشري والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات اللذين يشكلان المكونين الآخرين المعتمدين في تصنيف الأمم المتحدة بشأن الحكومة الإلكترونية، أورد التقرير أن المغرب بقي في مراتب متأخرة، حيث احتل الرتبة الـ148 على مستوى الرأسمال البشري والرتبة الـ104 على مستوى تطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، واعتبر هذا التأخر يشكل عائقا أمام استعمال واسع للخدمات الرقمية المقدمة من طرف المرافق العمومية.
وخلصت دراسة مقارنة قام بها المجلس الأعلى للحسابات لمدى نضج عينة مكونة من 15 خدمة رئيسية في كل من المغرب، من جهة، ودول الاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، إلى أن المغرب حقق نسب نضج جيدة بالنسبة إلى ثمان خدمات؛ من بينها على الخصوص تلك المتعلقة بأداء الضرائب (الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات، الضريبة على القيمة المضافة)، وبالرسوم الجمركية.
وفي المقابل، بينت الدراسة أن الخدمات السبع الأخرى ظلت بعيدة عن المعدل الأوروبي من حيث مستوى النضج؛ ومن بينها على الخصوص الخدمات المتعلقة بالحصول على الوثائق الشخصية وتسجيل السيارات وتسجيل الشركات، وكذا إرسال البينات المتعلقة بالإحصائيات حول الشركات.
كما قامت الدراسة المقارنة بدراسة عدد من الخدمات الأساسية على الإنترنيت التي تعد أولوية بالنسبة إلى المواطنين؛ من قبيل فقدان العمل والبحث عنه، والشروع في مسطرة شكاية، وحيازة وسياقة سيارة، ومتابعة الدراسة في مؤسسة للتعليم العالي، وتأسيس شركة والقيام بأولى الإجراءات، والقيام بالعمليات الاعتيادية لشركة. وسجل المجلس، بهذا الخصوص، أن عددا من الخدمات لا تزال غير متوفرة على الإنترنيت في المغرب، بينما هي متوفرة بنسب مرتفعة بين الدول الأوروبية.
وأشار التقرير إلى أن بعض الخدمات ذات المستوى الضعيف من النضج كانت موضوع أهداف طموحة في إطار المخطط الرقمي MN2013؛ غير أن الإنجازات لم ترق إلى مستوى التطلعات، خصوصا تلك المتعلقة بتأسيس مقاولة على الإنترنيت وتسجيل السيارات وجمع المعلومات الإحصائية للشركات.
وكشف المصدر ذاته أن خدمة تأسيس مقاولة على الإنترنيت كان من المفترض خروجها إلى حيز الوجود سنة 2011؛ لكنها لم تر النور بعد، على الرغم من أنه في إطار برنامج الحكومة الإلكترونية كان قد تم تحديد هدف طموح بخصوص هاته الخدمة، يتمثل في بلوغ نسبة استعمال تصل إلى 40 بالمائة خلال سنة 2013.
ويورد "مجلس جطو" أن التأخر نفسه ينطبق على خدمة تسجيل السيارات على الإنترنيت، حيث كان الهدف المخطط له هو بلوغ نسبة استعمال تصل إلى 70 في المائة سنة 2013؛ غير أن هذا المشروع، الذي انطلق منذ سنة 2007، لم يصل إلى مرحلة التفعيل إلا في أبريل 2019 واقتصر على السيارات الجديدة فقط.
كما سجل المجلس نفسه "غيابا تاما لتبادل المعلومات، سواء على الإنترنيت أو بشكل مادي بين الإدارات المعنية بإحصائيات الشركات، كالمندوبية السامية للتخطيط والوزارة المكلفة بالصناعة والاستثمار والتجارة والمديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة".
وبخصوص تطوير الإدارة الإلكترونية، التي تعد إحدى أولويات الحكومة، وقف المجلس الأعلى للحسابات على أن "دور الوزارة المكلفة بتحديث الإدارة فيما يتعلق باختصاص تطوير الإدارة الإلكترونية يتسم بافتقاده للوضوح الكافي من أجل تمييزه عن دور الوزارة المكلفة بالاقتصاد الرقمي، حيث تبقى هذه المهمة منقسمة بين الوزارتين".
وخلص التقرير إلى "غياب سياسة وإستراتيجية معلنة تتعلق بفتح البيانات العامة، وكذا عدم تحديد قواعد البيانات المعنية بالنشر ولا صيغ نشرها أو رخص إعادة الاستعمال المطبقة عليها، بالإضافة إلى تأخر اعتماد القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات والذي لم يتم إصداره إلا في مارس 2018".
وأضافت الوثيقة الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات أن أهم البيانات التي تستجيب لحاجيات المواطنين لا يتم نشرها، طبقا للمعايير المتعارف عليها دوليا في هذا المجال.
تعليقات
إرسال تعليق