هل يُوفّر الوزير أمزازي الحواسيب والإنترنيت لجميع مدارس المملكة؟
حاولَ سعيد أمزازي، وزير التّربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، طمأنة الأسر المغربية بعد قرار اعتماد التّعليم عن بعد كأحد الخيارات المتاحة أمام التّلاميذ لمباشرةِ الدّروس الافتراضية، مؤكداً أنّ "85% من المدارس المغربية مجهزة بقاعات متعددة الوسائط، وسنعمل على تعميمها على جميع المدارس".
"طموحات" المسؤول الحكومي المغربيّ بشأن تزويد كلّ مدارس المملكة بالحواسيب والإنترنيت، بهدفِ ضمان تكافؤ الفرص بين التّلاميذ، تصطدمُ بتحدّيات كثيرة مرتبطة بمدى التزام الحكومة بتحقيق هذا الرّهان، بينما يرى الأساتذة في تطمينات "أمزازي" بخصوص استعمال قاعات متعددة الوسائط غير واقعية بالنّظر إلى أحوالِ المدرسة العمومية.
وسيكون على الأساتذة الانتقال إلى حجرات الأقسام لتسجيل الدّروس الافتراضية؛ إذ أوضح أمزازي أن الوضع يختلف عما كان في الحجر الصحي حينما تم تكليف الأساتذة بالتدريس عن بعد من خلال منازلهم وبمجهوداتهم الشخصية.
وتواجه طموحات "أمزازي" لتوفير الإنترنت والحواسيب لتلاميذ المغرب بشكل مجّاني تحديات عدّة؛ ذلك أنّ غالبية الأساتذة مازالوا يجهلون الطّريقة التي ستتمّ بها هذه العملية، وما إذا كانت ستحقّق النّتائج المرجوة، لا سيّما على مستوى توفير كاميرات وشاشات ذكية وصبيب إنترنيت قوي.
تكافؤ الفرص؟
بالنّسبة للأستاذ المتعاقد إلياس الموساوي، فإنّ "عملية التعليم عن بعد يمكن التطرق إليها من خلال مستويين؛ المستوى الأول: وهو المتعلق بالتعليم الخصوصي، فهذا الأخير قادر نوعا ما على مسايرة هذه العملية، بحكم أنه يستقطب أسرا لها من الإمكانيات ما يكفي لتوفير الحد الأدنى من الوسائل اللوجستية والبيداغوجية التي تحتاجها هذه العملية الصعبة التي انخرطت فيها بلادنا منذ بداية الجائحة".
وذكر الموساوي في حديثه عنصرا آخر يمكن أن يجعل تلاميذ التعليم الخصوصي أكثر استفادة من هذا التعليم مقارنة بتلاميذ التعليم العمومي، يتمثل في كون غالبية أسر التعليم الخصوصي تنتمي للطبقة المتوسطة، ولها من الوعي والدراية ما يكفي لمراقبة أبنائها على جميع الأصعدة (البيداغوحي، التربوي، النفسي...).
واعتبر الأستاذ ذاته أنّ "هذا الأمر من شأنه أن يساهم في توسيع الهوّة بين تلاميذ القطاعين الخاص والعام، وهو ما قد يدفع باتجاه ضرب مبدأ تكافؤ الفرص الذي جاءت به الوثيقة الدستورية لـ29 يوليوز 2011".
أمّا المستوى الثّاني، يضيفُ الموساوي، وهو المتعلّق بتلاميذ التعليم العمومي، فغالبية الأسر غير قادرة على مواكبة أبنائها من حيث توفير العتاد اللوجيستي من أجل ضمان سلاسة هذه العملية، و"هذه العراقيل ترتكز بشكل أكبر في العالم القروي، حيث ندرة الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية، وفي كثير من الأحيان غياب تغطية شبكة الإنترنت".
وأضاف الأستاذ ذاته أن "هذه العوامل ينضاف إليها عنصر آخر هو أنّ أسر بعض التلاميذ ليس بمقدورها التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ونقلها للمتعلمين، بحكم تفشي الأمية وسط كثير من العائلات الفقيرة".
وخلص المصرّح لهسبريس إلى أنّ "هذين التصنيفين لا يمكنهما أن يشملا المستويات الدنيا (الأول، الثاني، الثالث)، بحكم أن هذه المستويات تحتاج إلى مراقبة دائمة ودقيقة من الأستاذ(ة)، لأنه هو القادر على تحويل المعرفة العالمة إلى المعرفة المدرّسة التي يسهُل على المتعلمين والمتعلمات استيعابها بطرق بيداغوجية ممكنة".
تمويل ضخم ونتائج مخيّبة
الفاعل النقابي عبد الرزاق الإدريسي يرى من جهته أنّ "الدولة خصصت مبالغ مالية ضخمة لتجهيز قاعات متعددة الوسائط، كما عملت على تكوين الأستاذة في مجال الأنترنيت، غير أنّ نتائج هذا المجهود كانت ضعيفة بالنّظر إلى مستوى التّلاميذ".
وأوضح الإدريسي أنّ "التعليم عن بعد لا يمكن أن يعوّض التعليم الحضوري الذي يضمن إنتاج العملية التعليمة بشكل مشترك ما بين الأساتذة والتّلاميذ، في إطار التضامن والتّعاون"، مبرزاً أنّ "التعليم المنزلي لا يجب مأسسته لأنّ المنزل مخصّص للحياة الأسرية، بينما القسم له حرمة وهو الوحيد القادر على ضمان عملية تعليمية منتجة".
تعليقات
إرسال تعليق