القائمة الرئيسية

الصفحات

شريط الاخبار

هل سيُتابَع قضائيا المسؤولون عن فضائح نظام "راميد" المنتهية صلاحيته؟

 هل سيُتابَع قضائيا المسؤولون عن فضائح نظام "راميد" المنتهية صلاحيته؟


 هل سيُتابَع قضائيا المسؤولون عن فضائح نظام "راميد" المنتهية صلاحيته؟

فضيحة أخرى تلك التي كشف عن طبيعتها وحجمها وزير الصحة والحماية والاجتماعية البروفيسور خالد آيت الطالب أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أثناء مناقشة مشروع قانون رقم 22.60 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور. وهي المتمثلة في الاختلالات التي طالت تدبير نظام المساعدة الطبية "راميد" في المرحلة السابقة قبل حذفه، حيث أوضح أمام أعضاء اللجنة أنه بالرغم مما كان لنظام المساعدة الطبية من إيجابيات كثيرة ساهمت في تمكين عديد المواطنين من تلقي العلاج مجانا، فإنه وفي ظل غياب السجل الاجتماعي الموحد، كان له أيضا سلبيات عديدة ومتنوعة، ومنها استفادة 900 ألف شخص من خدماته دون أن يكون لهم الحق في ذلك، وأنه تفاديا لهكذا تجاوزات غير مبررة، سيتم تحيين لائحة الأشخاص المسجلين في النظام الجديد للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك (المعروف اختصارا ب"أمو تضامن")، بالاستناد إلى ما سيوفره السجل الاجتماعي الموحد من معطيات. 

وجدير بالذكر أن نظام المساعدة الطبية "راميد" شكل أحد المكونات الأساسية لسياسة التنمية الاجتماعية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد محمد السادس من أجل تجسيد قيم التآزر والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وتعميم مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة الفئات المعوزة وتيسير ولوج المحرومين للاستفادة من الخدمات الصحية، على قدم المساواة مع باقي الفئات الاجتماعية. وكان العمل به قد انطلق خلال شهر نونبر 2008 في إطار تجربة نموذجية شملت جهة تادلة-أزيلال، مستهدفا الأشخاص الفقراء والسكان في وضعية الهشاشة، إلى جانب الأشخاص المستفيدين من خدمات هذا النظام بقوة القانون، ويتعلق الأمر بنزلاء المؤسسات السجنية والمؤسسات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ، وكذا غير المتوفرين على سكن قار، على أن يتم إعفاء هذه الفئات جميعها من تكاليف العلاجات المتوفرة في المستشفيات والمؤسسات العمومية الصحية والمصالح الصحية التابعة للدولة بدون تمييز.

فمن خلال الدور الذي لعبته مختلف وسائل الإعلام في التحسيس، بات المواطنون على دراية تامة بمسطرة الاستفادة من نظام المساعدة الطبية، التي تستوجب في البداية تقديم طلب في الموضوع بالنسبة للأشخاص غير الخاضعين لأي نظام للتأمين الإجباري الأساسي على المرض، وغير المتوفرين على موارد كافية لمواجهة النفقات المترتبة عن الخدمات الطبية اللازمة وذويهم، حسب شروط محددة قانونا. وهو ما يؤكد على أن الفئة المستهدفة من نظام "راميد" هي تلك التي تعاني من الفقر والهشاشة دون غيرها، فكيف استفاد إذن 900 ألف شخص من غير المستحقين، كما ورد على لسان وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب؟ ومن ساعدهم في ذلك؟ وأين نحن من المراقبة الصارمة وتفعيل مقتضى ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه دستور البلاد؟

إذ أنه وبدون كبير عناء في البحث عن أسباب مثل هذه الاختلالات، يتضح أن الأمر يعود بالأساس إلى سوء التدبير واستشراء الفساد الإداري بشكل رهيب في بلادنا، حتى صرنا نرى الفقير والغني متساويين في الاستفادة من نظام "راميد" وغيره من الأنظمة الاجتماعية، حيث تتم تعبئة الاستمارات الخاصة بمعلومات غير صحيحة حول الوضعية السوسيو اقتصادية والممتلكات والدخل، فيصبح الفقراء بقدرة قادر ملزمين بأداء واجب الاشتراك من أجل تسلم بطاقاتهم، بينما يحصل عليها ميسورو الحال بسرعة ودون مقابل. وليس هذا فقط، فطالما فضح نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم من فعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية حالات هنا وهناك حول تفشي الفساد في الإدارات العمومية، واستفادة عدد من الأثرياء المقربين من رؤساء الجماعات الترابية وغيرهم من المنتخبين والمسؤولين من "بونات" المحروقات والدعم العمومي الموجه إلى الفئات المعوزة في عدة مناسبات، سواء تعلق الأمر بمواد غذائية من قبيل الدقيق والزيت والسكر أو بدعم مالي (تدبير جائحة "كوفيد -19" نموذجا) أو المنح الجامعية وغيرها، في غياب آليات ضبط وتأطير المنظومات المعتمدة.

إننا إذ نقدر ما تقوم به الدولة بقيادة الملك محمد السادس من مجهود وطني كبير ومبادرات إنسانية رفيعة في اتجاه الحرص على تمكين المواطنات والمواطنين الأكثر فقرا وهشاشة من عدة مساعدات اجتماعية، بهدف تكريس قيم التعاون والتعاضد والحماية الاجتماعية، فإننا نرفض بقوة استمرار بعض منعدمي الضمير في استغلال مثل هذه الأوراش الملكية الكبرى لصالحهم وصالح ذويهم والمقربين منهم دون أي سند قانوني، مما يحول دون تحقيق الأهداف المتوخاة منها ويفرغها من عمقها الإنساني النبيل، لذا بات من الضرورة بمكان تحلي المسؤولين بما يلزم من يقظة، والسهر على ضبط آليات المراقبة والحكامة الجيدة في تفعيل السجل الاجتماعي الموحد وغيره، تفاديا للمزيد من العبث والتجاوزات.

تعليقات