القائمة الرئيسية

الصفحات

شريط الاخبار

berhilpress - عبدالواحد النقاز: لا أتوقع حدوث تغيرات عميقة من الناحية الاجتماعية والثقافية بعد الجائحة - برحيل بريس

berhilpress -  عبدالواحد النقاز: لا أتوقع حدوث تغيرات عميقة من الناحية الاجتماعية والثقافية بعد الجائحة  -  برحيل بريس
berhilpress -  عبدالواحد النقاز: لا أتوقع حدوث تغيرات عميقة من الناحية الاجتماعية والثقافية بعد الجائحة  -  برحيل بريس
باحث في علم الاجتماع

بعد ثلاثة أشهر من الحجر الصحي، هل تعتقد أن المواطن اكتسب ثقافة جديدة بناءً على ما فرضه فيروس كورونا؟

لا شك أن الغالبية من الشعب المغربي لم تمر من أزمات كبرى خلال الأربعين سنة الماضية، مثل الحروب والأوبة والأزمات السياسية، الأمر الذي جعلها غير مستعدة لهذا النوع من الاضطراب في حياتها اليومية، عكس الأجيال السابقة التي مرت من فترة الاستعمار والحروب والأوبئة، والتي لازالت ذاكرتها الاجتماعية حبلى بتلك الصور، مما جعل ثقافة تدبير الكوارث شبه منعدمة في مسلكيات الإنسان المغربي المعاصر، وليس لها أي أثر في المناهج الدراسية والسياسات التواصلية للدولة، عكس البلدان المعتادة على هذا النوع من التقلبات مثل بلدان شرق أسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

من هنا يمكن كحكم أولي أن نطمئن إلى كون تجربة تدبير جائحة كورونا كانت عبارة عن درس جماعي تطبيقي حول كيفية تعامل الشعوب بطريقة تلقائية خلال أوقات الأزمات والتحديات الكبيرة، وكانت فرصة نادرة للدولة ولكل أجهزتها للقيام بما يمكن أن نسميه مناورة مؤسساتية مكنت من اكتساب مؤسسات الدولة الخبرة والفعالية المطلوبة لتدبير مثل هذا النوع من التحديات. بالمقابل، تحصّل المواطن المغربي على ثقافة جديدة، عنوانها أنه مثلما هناك رخاء، هناك أزمات ومحن.

المغاربة معروفون بحميمية في علاقاتهم. هل تعتقد أنه بعد الحجر سيطبقون التباعد الاجتماعي، أم سيعودون إلى حياتهم العادية دون الالتفاف إلى الخطر الذي يعيش بيننا؟

أعتقد أن مسألة حميمية العلاقات الاجتماعية ستحتاج إلى بعض الوقت لكي تعود إلى شكلها الطبيعي، ذلك أن هذا النوع من العلاقات الاجتماعية في مجتمعات العالم الثالث، هو الارتباط الاجتماعي والعلاقات الحميمية بين مكونات الأسرة الممتدة في إطار الأسرة النووية، وهذا شكل انتقالي في العلاقات الأسرية نحو الفردانية، كما هو قائم في مجتمعات ما بعد الحداثة.

بخصوص مسألة عودة العلاقات، كما قلت، سنحتاج إلى وقت قريب من الوقت الذي قضاه المغاربة في التباعد الاجتماعي، إذ هناك مقولة سوسيولوجية تفسر تحولات السلوك الاجتماعي من خلال نظرية النوابض الاجتماعية، بمعنى إن السلوكيات الأصيلة في النظام الاجتماعي يمكن أن تتمدد، لكنها تعود إلى شكلها الأصلي مثل النوابض التي تتمدد تحت أي ضغط فزيائي، ثم تعود إلى شكلها الطبيعي. ما نحتاجه الآن، هو توسيع مدة العودة إلى الشكل الطبيعي، وذلك عبر المجهود التواصلي الذي يجب أن  يقوم به الإعلام العمومي حتى لا نقع في حالة تمرد اجتماعي على سلوكيات الحجر الصحي.

في اعتقادك، هل يمكن للمغاربة أن يتخلوا عن الجلوس في المقاهي والمطاعم والذهاب إلى الأسواق الشعبية، بعد تأكيد وزارة الصحة أن فيروس كورونا لازال يعيش معنا، ويجب التعايش معه؟

أود هنا أن أقارن ما بين السلوكيات الاجتماعية وحركية الماء في الطبيعة، إذ لا يمكننا أن نسيطر على الماء إلا عبر شبكات وعبر حواجز طبيعية، وإلا أخذ شكله الطبيعي، أي الانتشار في أي فراغ متاح .

علاقة الناس مع الأماكن العامة شبيهة بعلاقة الماء مع الأماكن الفارغة، وإذا لم تحضر آليات الضبط الاجتماعي عبر الصرامة التي تفرضها السلطات العمومية، فإن الأمر سيكون كارثيا على الصحة العمومية، وسيضيع كل مجهود الشهور الماضية.

يجب أن ينتقل المغاربة خلال الفترة المقبلة من حالة الحجر الصحي الفردي، إلى حالة الحجر الصحي الجماعي، وهي مناسبة حيوية لاختبار أطروحة مناعة القطيع، خصوصا مع انحصار خطر الفتك لدى الفيروس، وهذا مناسب من أجل التحضير لاحتمال موجة ثانية خلال الشتاء المقبل، كما تتوقع بعض الدراسات.

في رأيك، ما الذي سيتغير بعد جائحة كورونا في المجتمع المغربي؟

كما سبق وأشرت، لا أتقع من الناحية السوسيولوجية وقوع تغيرات عميقة من الناحية المجتمعية والثقافية، في ظل استمرار النظام الاجتماعي وتماسك البنية الاجتماعية، ولكي يقع تحول عميق لا بد من حدوث وقائع سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة مثل الثورات والحروب الأهلية. وما دون ذلك لا حديث عن التغير في النظام الاجتماعي، فالحقيقة التي يمكن استخلاصها من الأنثروبولوجية الثقافية والأعمال التي أنجزت على المجتمعات البرية، كما سمّاها كلود ليفي ستورس، في أستراليا وغينية الجديدة، هو استمرار البنيات عينها في سياق عمليات إعادة الإنتاج، ولا يقع تحول عميق إلا في حالة وقوع تدخل خارجي قاهر كحالة الاستعمار في إفريقيا، وحالة اكتشاف النفط في الشرق الأوسط، وحالة الثورة الثقافية في الصين. أما المجتمعات التي تعيش الرتابة الاجتماعية – كحالة المجتمع المغربي – لا يقع فيها شيء، رغم وجود مؤشرات مقلقة من الناحية الظاهرية. وهذا ما خلص إليه جون واتربوري في دراسته النسق السياسي المغربي والمعنونة بـ”أمير المؤمنين: الملكية والنخبة السياسية بالمغرب”.



تعليقات