الدبلوماسية المغربية تخنق النظام الجزائري وتعمق انتكاساته
في ظل الهزائم والنكسات التي لحقت النظام العسكري الجزائري لعقيدته العدائية للمغرب، بتبنيه لميليشيات البوليساريو الإرهابية، تحت ذريعة دفاعه المميع عن ما يسميه تقرير مصير ميليشيات البوليساريو الإرهابية ذراعه العسكري في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، لكن في حقيقة الأمر للاختفاء وراء البوليساريو لتبرير ولادته القيصرية غير الشرعية عن فرنسا بواسطة الإستفتاء، باعتبار الجزائر البلد الوحيد في إفريقيا الذي تم فيه ذلك، كوصمة عار وخيانة لمفجري الثورة الجزائرية والمجاهدين منها ومن دول الجوار خصوصا من المغرب وتونس، لحماية ممتلكات فرنسا بالجزائر المتعاونة مع صنيعها على أنقاض أراضي دول الجوار،
فهذه النشأة المشوهة لهذا النظام العسكري الجزائري، هي التي جعلته يختبئ وراء البوليساريو وإرسائه لعقيدة عدائية للمغرب من أجل إنقاذ حكمه غير الشرعي.
وأمام نجاحات الدبلوماسية المغربية، التي فككت العقيدة العدائية التي بني عليها النظام العسكري الجزائري، بعثرت أوراق المرادية التي أصبحت بنيتها السلوكية هستيرية ومضطربة، دفعتها لتعلن عن كون أسطوانة البوليساريو مجرد وهم بل إن المرادية هي صاحبة الوهم.
دفعت بميليشيات البوليساريو فرض السيطرة والسيادة على تندوف ومخيمات لحمادة كأمر واقع بالتقادم، أجبر نظام بن عكنون على ترسيم الحدود معها، لتآكل أطروحته الوهمية من جهة، ومن جهة أخرى مسؤوليته المشتركة معها بتورطه في الجرائم المرتكبة في المخيمات والإختفاء القسري والقتل والتصفية الجسدية وسرقة المساعدات الإنسانية والإتجار في البشر والتهريب … التي تعد أوراق ضغط عليه بيد الميليشيات الإرهابية للبوليساريو.
لكون النظام الجزائري يعيش عقدة اسمها المغرب أي الماروكوفوبيا، بمعاداته للوحدة الترابية للمغرب في نزاع مفتعل حول الصحراء المغربية، يعرف جيدا أنها مغربية،
لأنه لم يستطع الخروج من اللغة الخشبية، ولا يزال يعيش في الحقبة السوفياتية البائدة والحرب الباردة، ومشكلته الحقيقية مع الشعب الجزائري. لكون “البوليساريو” هي النظام الجزائري، كما أنّ النظام الجزائري هو “البوليساريو”.
فنجاحات الدبلوماسية المغربية شددت الخناق على نظام بن عكنون جعلت تصرفاته مكشوفة بكون الصراع حول الصحراء المغربية، أصبح واضحا أنه منحصر بين المغرب والجزائر، وعرت اختباء هذه الأخيرة وراء ما تسميه تقرير مصير ميليشياتها الإرهابية بثندوف.
المشكلة في أنّه لا يمكن للنظام الجزائري مواجهة الحقيقة المتمثلة في أنّ حربه على المغرب ليست سوى حرب مفتعلة تستند إلى اختلاق قضيّة مثل قضيّة الصحراء التي يعرف أنّها صحراء مغربية وأن مشكلته الحقيقية مع الشعب الجزائري.
لأنه نظام عاجز على القيام بالنقلة النوعيّة التي يفترض به القيام بها. يعود ذلك إلى طبيعة هذا النظام الذي لم يستوعب وجوده الإنقلابي بالتداول، الذي رسّخه الانقلاب العسكري الذي نفّذه هواري بومدين في العام 1965.
ويبقى الفشل الأكبر متمثلا في الاستثمار في “مليشيات البوليساريو” من أجل شنّ حرب استنزاف على المغرب، ولادخال المنطقة في اطار البلقنة والتوتر ونسف التكامل والاستقرار؛ وهي لعبة باتت مكشوفة، وراء شعارات مزيفة وكاذبة ترتبط بسياقات تاريخية ساهمت فيها صراعات الحرب الباردة والتوجه الإيديولوجي الشيوعي، تم تلفيقها بإرادة النظام الشمولي لبن عكنون الذي يعاني عقدة الماروكوفوبيا لخداع وتمويه المنتظم الدولي.
وتورطه كطرف مباشر في هذا النزاع المفتعل بأداته ميليشيات البوليساريو الإرهابية التابعة لتكنات الطغمة العسكرية الجزائرية الحاكمة. ولا تزيده الا عزلة في محيطه الإقليمي و تبين درجة الارتباك الذي تتخبط المرادية في تدبير علاقاتها الإقليمية، مما زاد من عدوانيته وكشفت محدودية خياراته التي أصبحت انفعالية مع المغرب وطائشة مع جيرانه، لكونه لن يستطيع التصالح مع نفسه من دون التصالح مع الحقيقة ومع الواقع المتمثل في أنّ عليه التعايش مع فكرة أنّه خسر الحرب التي يشنّها على المغرب.
هذه الأزمة العميقة التي تمرّ بها الجزائر منذ ولادتها غير الشرعية، هي أزمة ناجمة أساسا عن نظام يرفض الاعتراف بفشله، وهو ما تجسده صراعات الأجنحة، على إدارة مديرية التنصت الاستعلاماتي، التابعة لجهاز الاستخبارات من أبرز الدوائر الحاسمة في إدارة لعبة تجاذبات أجنحة النظام الجزائري، بتولّي مهامها، بعد فضائح ظهور تسجيلات ومكالمات هاتفية على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار تصفية حسابات وعمليات تهديد وابتزاز.
وتطرح التسريبات بقوة فرضية خروج سرية التنصت على الأفراد من طابعها الأمني إلى التداول من طرف الرأي العام، صراع الاجنحة الحاد داخل نظام كازيرنات بن عكنون، وبذلك أصبح الأشخاص المسؤولون عن إجراء التنصت على المكالمات الهاتفية وتسجيل تقارير التنصت على المكالمات الهاتفية شرعوا بدورهم في استخدام وإساءة استخدام التنصت على المكالمات الهاتفية نظرا إلى ما توفره من معلومات وبيانات حول الاتصالات والمحادثات، وخاصة المتعلقة بأصحاب القوة والنفوذ. بين الجهاز الأمني المباشر التابع لكازيرنات بن عكنون والمرادية لحسم من له أحقية الوصاية على الجهاز، نظرا إلى ما يوفره من بيانات وإمكانيات وأدلة توظف للإيقاع والإطاحة بالخصوم داخل النظام وخارجه، باعتبارها إحدى الآليات التقنية للتحكم في الوضع السياسي، لاسيما نشاط المعارضين للنظام من داخله أو خارجه
كما أن دائرة الاستعلام والأمن D.R.S، الذي يعد الجهاز الرئيسي المنسق لجميع أجهزة المخابرات الجزائرية، مازال منصب رئيس المخابرات شاغرا منذ ماي 2019 ، عندما سُجن الرئيس السابق للمخابرات الجزائرية بشير طرطاق، الذي شغل منصبه، من 2015 إلى 2019، خلفا لمحمد توفيق مدين مما يعبر عن فشل النظام وتخبطه، حيث تعرف زلزالا وصراعا حادا بين أجنحة النظام وفشلا ذريعا في التسيير، وهو ما تجسده الإقالات المتتالية في مديرياتها خصوصا في:
– مديرية الوثائق والأمن الخارجي، (جهاز الأمن الخارجي): التي يديرها جبار مهنا، خلفا لعبد الغني راشدي؛ في جهاز عرف باللااستقرار وإختلالات وصراعات منذ إبريل 2020حيث، تمت إقالة كمال الدين رميلي، في سياق إعادة هيكلة جديدة للجهاز الأمني والجيش، وعين اللواء يوسف بوزيت في منصبه، قبل أن تتم تنحيته في 20 يناير 2021، بعد سبعة أشهر فقط من تعيينه، بسبب وجود خرق أمني نتج منه سوء تعامل قيادة الجهاز مع برقية أمنية بعثها مكتب الجهاز من باريس، وعين نور الدين مقري (محفوظ البوليساريو)، حيث أُقيل وعُيِّن اللواء جمال مجدوب كحال خلفاً له، قبل أن يتم نقله لجهاز الأمن الداخلي في تبادل غامض للأدوار مع عبد الغني راشدي.
وكان جبار مهنا الذي يعد أحد رجالات العشرية السوداء، قد اعتُقل في أكتوبر من سنة 2019 عقب الحراك الشعبي، وأحيل للسجن العسكري في البليدة بعدما توبع بعدة تهم من بينها الإثراء غير المشروع والتعسف في استعمال السلطة، لكنه خرج من السجن في يوليوز من سنة 2020، وفي أكتوبر من سنة 2021 عين رئيسا لمديرية مكافحة الإرهاب بعد تأسيسها.
– مديرية الأمن الداخلي (المخابرات الداخلية): التي عيّن جمال كحال مجدوب مديراً عامًّا لقسم الأمن الداخلي في جهاز المخابرات، له صلاحيات التحقيق بالقضايا الأمنية وقضايا الإرهاب والمحافظة على الأمن، والتحقيق في قضايا الفساد.
فجمال كحال مجدوب، نقل من جهاز الأمن الخارجي ليعيّن خلفاً لعبد الغني راشدي، الذي كان يشغل المنصب منذ إبريل 2020، الذي سيشغل محله جهاز الأمن الخارجي
في تبادل للمهام.
وكان جمال كحال مجدوب، يشغل قائد الأمن الرئاسي في عهد بوتفليقة، وتمت إقالته شهر يوليوز 2015، مع قائد الحرس الجمهوري أحمد مولاي ملياني، في عملية تطهير قادها أحمد قايد صالح
هذا الإنكماش ومحدودية المناورة الدسائسية الذي أصبحت عليه الدبلوماسية البنعكنونية القلقة في عدائها المرضي للمغرب ساهمت فيه النجاحات الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء المغربية من جهة والتغيرات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة من جهة أخرى أصبح المغرب فاعلا فيها من خلال سياسة المحاور وتعدد الشركاء.
هذا إضافة إلى كونه دولة فاعلة في تعاون دول جنوب–جنوب؛ وفق مقاربة رابح-رابح؛ ومبدأ التنميةالمشتركة، وحضوره الوازن بالقارة الإفريقية؛ باستثماراته الضخمة فيها؛ عبر تسريعه وتيرة الانتشار الاقتصادي والمالي.
تعليقات
إرسال تعليق