القائمة الرئيسية

الصفحات

شريط الاخبار

تجرؤ الفايد على محكمات الدين ومسؤولية وزارة الأوقاف

 تجرؤ الفايد على محكمات الدين ومسؤولية وزارة الأوقاف


 تجرؤ الفايد على محكمات الدين ومسؤولية وزارة الأوقاف

أثارت خرجات د.محمد الفايد ردود فعل غاضبة، ذلك أن الباحث في شؤون التغذية أنكر وجود الحور العين في القرآن، وقال: (ماكاينلا حور عين لا سيدي16)، وانتقص من أذكار الصباح والمساء وأحكام الرضاع والتجويد، ووصف أحاديث المعراج بالخزعبلات، وادعى بأن العقيدة السليمة لا قيمة لها أمام هذا التطور الذي يشهده العالم اليوم، وأن القيم التي تحلى بها المهدي المنجر -رحمه الله- تفوق قيم الصحابة -رضي الله عنهم- بكثير.

كما هاجم الشخص ذاته العلماء وأئمة الإسلام والمذاهب الأربعة، وزعم أن القرآن الكريم لم يفسر بعد، وأن المفسرين لم يفهموا ولم يدركوا مراد الله تعالى.

وكما كان متوقعا، فلم يكن لهذا الكم الهائل من المجازفات الخطيرة أن يمرّ دون أن تتفاعل معه النخبة وباقي مكونات المجتمع، حيث عبر عدد من العلماء والمفكرين والإعلاميين والأطباء أيضا عن سخطهم من تجرئ الفايد على تخصصات لا قبل له بها، ومهاجمته علماء الشرع وأحكام قطعية بطريقة فجة، تنبي عن جهل وتعالٍ لا يمكن أن يتحلى بهما من شمَّ رائحة البحث والعلم، بله مَن يدعي أنه وحيد زمانه الذي يفهم في كل شيء، ويتكلم في كل المواضيع من العرش إلى الفرش.

خرجات الفايد، أكدت أن شريحة واسعة من المغاربة لا تقبل البتة المس بالدين والمقدسات والهوية، لكن كشفت أيضا أن زعزعة العقائد وانحراف المفاهيم وتغيير القناعات انتقل من العامة إلى النخبة، حيث أن الثقافة الغربية المهيمنة، والتي تضخ عبر أقوى وأنجع الآليات والوسائل، تمكنت من تحقيق أهدافها، في إطار العولمة الفكرية والثقافية.

من ضمن الأمور التي كشفتها خرجات الفايد أيضا، تعصب الأشخاص للرجال بدل تجردهم للحق، ودفاع بعض الأتباع بأعين مغمضة عن الباحث في شؤون التغذية وما يخوض فيه من أمور شرعية وعقدية وتخصصات دينية دقيقة.

وفي هذا الإطار تساءل عدد من المتتبعين والمحللين عن دور الوزارة الوصية على حماية الأمن الروحي للمغاربة من كل ما وقع ويقع أيضا في مواضيع مشابهة، فإذ يُهان المذهب المالكي وإمام المذهب وكل الفقهاء والعلماء، ويتم إنكار حقائق معلومة من الدين بالضرورة، لا تحرِّك الوزارة ساكنا ولا تبدي ردة فعل، وكأن الأمر لا يعنيها في شيء.

نعم السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، عبّر في غير ما مناسبة أنه ينأى بنفسه، وبالخطباء والأئمة الذين يعملون في الإطار الرسمي، عن “الخطابات الشعبوية”، لكن الأمر قد تجاوز اليوم الشعبوية والإثارة والرغبة في اكتساب النجومية واستمالة النفوس، إلى المس بالعقائد ومحكمات الدين.

وحول فتنة التقلبات الفكرية قال د.يوسف فوزي بأن مسألة تقلب الأشخاص عامة والمؤثرين بصفة خاصة تجعلنا أمام حقيقة كونية وهي أن الثبات على الحق توفيق من الله، قال سبحانه عن حال نبيه صلى الله عليه وسلم مع قومه: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)، فإذا كان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين فماذا نقول عن أنفسنا اليوم؟؟؟

وأشار أستاذ الشريعة بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير إلى أن مسألة انقلاب الدعاة من صف الدعوة إلى الخير ونصح العباد والدفاع عن الحق إلى النقيض منه علامة من علامات الخذلان ولهذا الانقلاب أسباب عدة منها:

– تسرب العجب والغرور إلى بعض المؤثرين بسبب كثرة المتابعين والمعجبين، فتحصل لديهم حالة جنون العظمة التي تخيل لصاحبها العصمة من الخطأ وعدم الاعتراف به، فضلا عن قبول النصيحة.

– إن غالبية هؤلاء لم يطلبوا العلم الشرعي عند أهله، فلزوم العلماء ليس للعلم فحسب، بل لأخذ القدوة من العمل والمواقف ومنها التواضع ونبذ النفس أمام سلطة الحق.

– الاغترار بالعقل سبب فساد إبليس فقدم نفسه على آدم لأنه من تراب وأصل خلقته هو من نار، فإعجاب بعض المؤثرين بعقولهم يجعلهم -أمام توهم وجود تعارض بين النقل والعقل- يسارعون  إلى تقديم العقل بحجة نبوغهم في اختصاصاتهم العلمية، وهذا هو عين الضلال، فالنقل مقدم على العقل، إذ لا وجود لتناقض بين العقل والنقل ألبتة، وعند توهم وجوده فالتقديم للنقل. لأنه وحي إلهي معصوم.

– الناظر في حال المتقلبين يجد عند عامتهم ضعفا في جانب التأصيل العقدي، فهذا التأصيل ميزان يزن به المكلف قناعاته الفكرية، وغيابه فتح لباب الضلال.

في حين علق د.عبد الرحمن بوكيلي، المتخصص في القرآن والحديث وعلومهما، على هذا الموضوع بأن “الكثير من كلام -الفايد- فيه جهل فظيع بالقرآن وعلومه، وبالتفسير وأصوله وبالحديث وقواعد فقهه، وبالفقه وأصوله، وبالعقيدة أصولا وفروعا.. وهذه الحالة أنتجت جرأة بغير ضابط علمي ولا خلقي، على كلمات الله النيرة،‎ وعلى الأحاديث النبوية الصحيحة الصريحة”.

‎كما أفرزت هذه الحالة من التخبط المنهجي والأدبي، نفي وجود العلماء في بلدنا بالقطع… وهذا من أعجب العجاب… وجعل الدكتور من نفسه قاضيا حاكما عليهم جميعا مقررا في درجاتهم العلمية ومستوياتهم الفقهية، ولا يخفى أن في هذا انتهاكا لحرمات العلم والعلماء، وإساءة للجوامع‎ والجامعات والمعاهد العلمية المبثوثة في بلادنا شرقا وغربا”.

وأضاف أستاذ التعليم العالي “ومن أغرب ما نفاجأ به، ما غلب على كلام الدكتور من السخرية والاستهزاء والتنقيص واللمز والغمز ليس فقط بالعلماء أمواتا وأحياء، ولكن بقطعيات من العلم بالقرآن والحديث والفقه… ‎خوفي كبير ليس على الإسلام ولا على المسلمين من هذه الفتنة، لكن خوفي على الدكتور الفايد الذي أصبح يرمي الكل ويضرب في كل اتجاه… نسأل الله سبحانه لطفه ورحمته، كما نسأله سبحانه الهداية للجميع”.

تعليقات